عبد الوهاب السحيمي
الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الترية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي و القاضية بنشر لوائح تهم مجموعة من الأساتذة و الأستاذات على موقعها الالكتروني الرسمي قالت أنهم تغيبوا عن العمل خلال شهر شتنبر المنصرم دون تقديم معطيات إضافية حول مدى قانونية و مشروعية هذه الغيابات، هو فعل لا يمكن القول عنه إلا أنه فعل شارد و غير مسؤول و ينم عن مدى العشوائية و التخبط الذي تعيشه وزارة التربية منذ تكليف الوزير الحركي محمد حصاد بتدبير القطاع.
فالمعلوم أن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية يعتبر ما قام بها حصاد تشهير و إفشاء صريح للسر المهني و هو فعل مخالف للقانون، و عوض أن يتراجع الوزير عن خطوته و يقدم اعتذارا رسميا للمشهر بهم و للشغيلة التعليمية بشكل عام، اختار نهج سياسة الهرولة إلى الأمام و التشبث بهذا الفعل الفضيع و تقديمه لذرائع أقل ما يمكن القول عنها أنها ينطبق عليها المثل الدارجي المغربي “عذر أقبح من زلة”، و قدم مبررات جد واهية للدفاع عن موقفه كمبرر اخضاع القطاع للنزاهة و الشفافية و تفنيذ كل الادعاءات غير الصحية حول قدر تغيبات الشغيلة التعليمية.
و السؤال المطروح و بإلحاح هو، إن كانت فعلا نية صادقة لحصاد في ادعائه تفنيذه كل الادعاءات التي ترمي إلى النيل من رجل تعليم حول قدر تغيباته، كان عليه أولا أن يكون نزيها و واضحا في الكشف عن محاضر نقط الأساتذة المتدربين المرسبين حتى يطمئن الجميع و يتم طي هذا الملف بشكل نهائي الذي أسال المداد الكثير، و يكون نزيها كذلك و يكشف لنا عن دواعي إعفاء العديد من الأطر التربوية و الإدارية قبل شهور، و يوضح أيضا دواعي توظيف الوزارة بالتعاقد بشكل مباشر و دون أي تكوين و بالمقابل تنتقم من خريجي البرنامج الحكومي 10000 إطار المكونين و المؤهلين تربويا و ترمي بهم للشارع، فهذه هي الملفات التي كنا ننتظر من حصاد أن ينزل مبدأ الشفافية بشأنها، و ليس أن يخرج علينا بقرارات غير مسؤولة تزيد من تأزيم الوضع و تؤجج الاحتقان بقطاع التربية الوطنية و تضرب عنصر الثقة به.
ما معني أن ينشر حصاد هذه اللوائح للعموم اليوم؟ و لماذا اقتصر الأم على المدرسين و المدرسات دون غيرهم من موظفي الوزارة؟ و لماذا موظفي وزارة التعليم فقط؟ و أين يمكن أن تفيد هذه اللوائح غير النيل من صورة المدرسين و المدرسات و تكريس الصورة السلبية الحاطة من كرامتهم التي تحاول الحكومات المتعاقبة منذ عقود إلصاقها برجال و نساء التعليم و يرجع لها النصيب الكبير من المسؤولية في تدهور مستوى التعليم ببلادنا؟
فعوض أن يكرم حصاد المدرسين و المدرسات بمناسبة اليوم العالمي للمدرس و يعترف بالخدمات الكبيرة التي يقومون بها في قمم الجبال و فيافي الصحراء و على التخوم المغربية في ظروف جد مزرية و تفتقد لأبسط مقومات العمل و العطاء و بمجهوداتهم الذاتية الخاصة و بدون أي تعويضات غير أجورهم الهزيلة، اختار للأسف أن يحتفل بهم بطريقته الخاصة عبر محاولته النيل من سمعتهم بنشره للوائح مغلوطة و مخدومة يدعي من خلالها أن موظفي وزارته لا يقومون بواجباتهم و همهم هو التغيب عن العمل و التملص من مسؤولياتهم و مهامهم.
فالإصلاح الجدي للمدرسة العمومية ينطلق بإجراء مصالحة حقيقية مع الفاعلين التربويين الميدانيين لوزارة التربية الوطنية بدءا بالمدرسين و المدرسات، و ذلك بتقديم اعتذار رسمي من الدولة لعموم الأساتذة و الأستاذات عن ما طالهم من أذى و خدش لكرامتهم و مكانتهم الاجتماعية من طرف مجموعة من الوزراء السابقين و رئيس الحكومة السابق و ليس بتكريس هذا الخدش عبر نشر لوائح مخدومة بهدف تقديمهم على أنهم غير مسؤولين و لا يقومون بواجباتهم و دائمي التغيبات غير المبررة. فالاصلاح ينطلق بالاستماع لنساء و رجال التعليم و لا سيما المدرسين و المدرسات و خاصة العاملين منهم بالمناطق النائية و الصعبة و الاستجابة قدر الامكان لمطالبهم العادلة و ليس تنزيل قرارات عشوائية ارتجالية تضرب ما تبقى من ثقة بالمنظومة التعليمية و تقطع شعرة معاوية مع نساء و رجال التعليم.