-->
تربية بريس | tarbiapress‬ تربية بريس | tarbiapress‬
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

قضية أساتذة الغد... بعض الوصف والتحليل لمراحلها


بقلم احمد عدان / مراسلة
لعل الأمر الذي نكاد لا نختلف عنه هو أن السياسة تعتبر لعبة قبل أن تكون تسيير أمور الدولة والشعب وفق تدبير وتسييس وتخطيط ممنهج بطريقة عقلانية وحكيمة.
لذا فدور السياسي هو اللعب وفق خطة فيها هجوم ودفاع قبل أن يكون دوره إصلاح حال العباد والبلاد, لأن هدفه الأسمى هو الحفاظ على مبدئه الحزبي أو الإيديولوجي  بغض النظر عن المصلحة العامة، فالمبدأ هنا ميكيافيلي والغاية تبرر الوسيلة.
لكن ألا يحتاج ذلك إلى وجود حكمة سياسية تتعامل مع الأوضاع بعقلانية وبمرونة وبتمعن واستبصار للعواقب وإلا فإن النتائج تكون غير مرغوبة والعواقب تكون وخيمة. تعالوا نلاحظ مآل القضايا التي يتم فيها تغييب الحكمة السياسية.
رعونة في التعامل وتشخيص الوضع :
ولنتأمل تلك الصورة الواقعية الآن التي فرضت نفسها على الكثير من المتابعين للشأن السياسي والتربوي والاجتماعي بل والحقوقي أيضا تلك الصورة تتمثل في كيفية تعامل الحكومة الحالية - وخاصة أعضاء الحزب القائد للإئتلاف الحكومي – مع قضية أساتذة الغدهي قضية بدأت شعلتها الأولى بمطالبة هؤلاء بإسقاط مرسومين مشئومين يكاد الإجماع يقع على أن هذا الفوج الحالي لا تنطبق عليه مقتضيات المرسومين إلا أن تعنت الحكومة واستهتارها بهذا المطلب وغلقها لكل قنوات الحوار مع الأساتذة بل وخرجاتها الإعلامية اللامسئولة سواء من رئيس الحكومة أو من الوزير المنتدب المكلف بالميزانية أومن ناطقها الرسمي كل هذا جعل الوضع يتطور تطورا طبيعيا لأي حراك شعبي ، خاصة إذا كان من قاده أساتذة عندهم من النضج ما يكفي لتنظيم حركة شعبية مستقلة لها مطلب موحد وبعيدا عن أي دوافع ذاتية وتخليا عن أي ايديلوجيات وخلافات سياسية ، هذا التطور الطبيعي جعل الأساتذة يطالبون بإصرار شديد بإسقاط المرسومين واعتبروا إسقاطهما قضية شعب قبل أن تكون قضيتهم وهذا فتح الباب أمام تضامن شعبي كبير مع هذه القضية.
أبعاد القضية :
 وأصبحت القضية تأخذ أبعادا أخرى فيها جانب تربوي تعليمي وجانب اجتماعي تضامني وفيها جانب حقوقي ودولي وفيها جانب سياسي أيضا  .
هذه الأبعاد مهد لها التعنت والإصرار على عدم فتح باب الحوار وكذلك القمع الهمجي الذي مارسته الداخلية في كثير من المدن وخاصة مجزرة الخميس الأسود بانزكان.
إضافة إلى الأبعاد السابقة فإن البعد الإعلامي للقضية أخذ مجراه وتطور من نشاط فيسبوكي ومواقع الكترونية إلى برامج تلفيزيونية وجرائد ورقية ومقالات صحفية ومنابر إعلامية خارجية.
رد الفعل بدوافع سلطوية :
أمام هذه التطورات خرج المسئول الأول في الحكومة أمام أعضاء حزبه الذين طالبوه بحل القضية حتى لا تضر بالحزب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة إلا أنه زاد الأمر سوءا مقسما بالله انه لن يتراجع عن المرسومين حتى لو أدى ذلك إلى سقوط الحكومة.
 هنا نقف على مدى شخصية الرجل السلطوية التي اكسبها له كرسي الرئاسة وهي خصلة طبيعية في الإنسان إلا أن التسرع في اتخاذ موقف كهذا وباستعانة بأمر ديني يفسر لنا الافتقار الواضح من سيد الرئيس إلى النضج في التدبير السياسي.
الدولة تتدخل بدافع أمني :
هذا التعامل الصبياني واللامسئول من طرف رئيس الحكومة ومن ناصره من وزراء حزبه جعله في موقف محرج جدافلقد أجبرته الدولة- لا ينبغي الاستغراب من الفرق بين الدولة والحكومة-  ممثلة في وزارة الداخلية على فتح باب الحوار وهو ما يفسره قوله " إن الوالي حاور الأساتذة بعد إذن مني" ولعلنا نلاحظ مدى الفرق بين الإذن والأمر. فالرجل إنما اخبر بفتح الحوار واجبر على قبوله فسكت راضيا أو كارها وإلا فلو كان يريد الحوار لفتحه بنفسه أو كلف المسئولين في الوزارة الوصية بذلك ،بل ينبغي أن نعلم أن الحوار انطلق أصلا في مدن مختلفة بين ولاة الجهات ومسئولين من المراكز وممثلين للنقابات والمجتمع المدني بل وبحضور بعض الأساتذة المتدربين في بعض اللقاءات، كل هذا حصل قبل أن يصل إلى سمع السيد الرئيس أن هناك حوارا مجتمعيا لحل مشكل أساتذة الغد.
إذن فالحوار لم يفتح من الحكومة وإنما فرضته الداخلية بدافع امني ولا يهمهم من قريب أو من بعيد غير الجانب الامني خوفا من حراك شعبي كبير يحيي حراك 2011.
كما أن الداخلية لايهمها حل المشكل بالنسبة لأساتذة الغد أو الحكومة فهي فقط تريد أن يحل الأمر بغض النظر عن الطرف المتنازل أو المتضرر ، فهي الرابح الأكبر لو تم حل المشكل بأي صيغة فليس هدفها الدفاع عن المرسومين ولا يهمها إسقاطهما، فهي تنظر إلى الأمر نظرة سياسية تتحمل نتائجها أحزاب الائتلاف الحكومي.وهذا ما يفسر لنا قبول الوالي في الجلسة الثانية للحوار ذلك المقترح -الذي قدمته النقابات وأصحاب المبادرة الوطنية المتمثل في عدم سريان المرسومين على هذا الفوج وإعادتهما إلى الجهات المختصة قبل تطبيقهما-  قبله كأرضية للنقاش حيث إن هدفه ليس الحفاظ على هيبة الحكومة التي أصرت على عدم التراجع عن المرسومين. بل إن هدفه هو الحفاظ على الأمن العام للدولة فهو قبل المقترح كأرضية للنقاش إلا أن الحكومة طبعا رفضت الأمر . وهنا ليس أمام الوالي إلا أن يحاول إقناع الأساتذة بضرورة قبول مقترح التوظيف على دفعتين مع تغير طفيف في العرض..... إيهاما أنه عرض جديد......يحل المشكل ويضع الحكومة في موقف جيد حيث إن المرسومين لم يتم المساس بهما.
لماذا لم ينجح الحوار؟
لا يقول أحد ولماذا إذن لم ينجح الحوار؟ لأن الحوار أصلا لم يبدأ بدافع حل مشكل المرسومين وإنما بدأ بدافع أمني ،فقد فشل الحوار ولم يتوصل الأطراف إلى حل توافقي بسبب إصرار الحكومة على تطبيق المرسومين ولو من الناحية الشكلية حتى لا يضطر رئيس الحكومة إلى إنهاك جسمه بصيام ثلاثة أيام كفارة على قسمه وحتى لا يؤدي ذلك الى انتحار سياسي لحزب جعل نفسه بسبب الخرجات الاعلامية اللا مسئولة لوزرائه في موقف لايحسد عليه.
قد يقول قائل :إذن الحكومة فرضت نفسها على الدولة أخيرا ؟ أقول : لا طبعا إنما وجدت الدولة أنها ستجعل الحكومة التي من المفترض أنها جاءت من الشعب وفق انتخابات نزيهة في موقف ضعيف جدا إذا فرضت عليها إسقاط المرسومين، فلا ينبغي ان تجعلها في موقف إحراج واضح يجعلها عرضة لسخرية. ليس من الداخل فقط وإنما سيصل صدى ذلك الى الخارج مما يؤثر على  الديموقراطية المزعومة ويطرح تساؤلات كبرى حول من يحكم؟
ما سبب كل هذا التعنت من الحكومة؟
إذن فالخوف من الإحراج هو السبب الوحيد الذي جعل الحكومة الآن تتمسك بموقفها وإلا فالمسألة محسومة بل إنهم أنفسهم في أعماقهم يحسون أنهم أخطئوا في طريقة تعاملهم مع القضية ، وهذا ما نلاحظه من الخرجات الأخيرة قبل أيام صرح رئيس الحكومة أن الأساتذة وجدوا ثغرات في المرسومين  حيث إنهما لم يصدرا في الجريدة الرسمية إلا بعد إعلان النتائج النهائية لامتحانات الولوج إلى المراكز الجهوية وهذا ما يفسر أنه يعترف بعدم سريان مقتضيات المرسومين على هذا الفوج إلا انه في الوقت نفسه يفتقد إلى تلك الشجاعة التي يعلن فيها أنه تعامل مع القضية بطريقة خاطئة وخاصة أن المعركة أكملت شهرها الرابع فهو يدرك انه لو تنازل سيتحمل الكثير من الانتقادات من خصومه بل ومن غيرهم فلقد أضاع أربعة أشهر من التكوين وسبب للدولة مشاكل حقوقية لدى المجتمع الدولي بالتدخلات القمعية كما انه خلق جوا اضطرابيا في الشارع يفتح الباب أمام الفئات الأخرى للخروج بمطالبهم إضافة إلى الإحراج الكبير الذي سيسببه إلى أحزاب الائتلاف الحكومي ان لم يكن قد سبب لهم ذلك مسبقا وما علينا إلا متابعة كلمة صلاح الدين مزوار في مؤتمر حزبه حتى ندرك ذلك التخبط والتشرذم داخل حكومة.
هذا كله ليس إلا وصفا رافقه بعض التحليل لمراحل هذه المعركة النضالية حتى هذه اللحظة. وطبعا هناك جوانب أخرى مرتبطة بالمعركة لم اشر إليها كالجانب القانوني الذي كتب عنه الكثير.   

عن الكاتب

تربية اكسبريس ، تربية اكسبريس موقع تربوي تعليمي يهتم بكل ماله علاقة بالتربية والتعليم، يقدم لكم احدث الوثائق التربوية كما يوفر لكم أحدث المقالات التربوية التي لها علاقة بالتعليم ،

التعليقات



اذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم . فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولا بأول. كما يمكنك الإتصال بنا بالضغط على الزر المجاور.

إتصل بنا

التسميات

التسميات

شعارنــــا

احصاءات المدونة

زوار المدونة

جميع الحقوق محفوظة

تربية بريس | tarbiapress‬

2018