اختلف العلماء في تسمية المشكلات اللغوية التي قد يعاني منها بعض الأطفال،
فقد سماها الجاحظ قديماً عيوب الكلام، وحديثاً سميت بتسميات متعددة منها القصور أو العجز اللغوي Language Deficit أو التأخر اللغوي Language Delayأو الإعاقة اللغوية Language
Handicap وتبقى في نظرنا التسمية المناسبة هي الاضطرابات اللغوية Language
Disorder لكون اللغة كائن حي لذلك تصاب باضطراب مثل سائر أعضاء الجسم؟
لكن
بعض الأطفال لا يسايرون هذا التطور، فتظهر عليهم بعض الأعراض التي تدل على اضطراب
في اكتسابهم للغة، ومن هذه الأعراض:
§
التأخر في الكلام.
§
غياب كامل للغة أو أية وسيلة للتواصل
§
وجود مشاكل في اكتساب الأصوات الكلامية أو إنقاص أو
زيادة أحرف أثناء الكلام.
§
صعوبة التعبير باستخدام صيغ لغوية مناسبة.
§
استخدام مستوى لغوي أقل من عمره الزمني مقارنة بأقرانه.
وهنا
يجب التمييز بين اضطرابات النطق واضطراب الكلام واضطرابات اللغة. وسنتناول كل واحد
منها على حدة باقتضاب.
واضطرابات النطق هي مشكلة أو
صعوبة في إصدار الصوت اللازم للكلام بطريقة صحيحة، وعيوب النطق تحدث في الأصوات
الساكنة أو في الأصوات المتحركة، كما أنه يمكن أن يشمل بعض الأصوات أو جميعها، في
أي موضع من الكلمة. وتشمل اضطرابات النطق المظاهر التالية:
1. الحذف
وفيه
يقوم الطفل بحذف صوت أو أكثر من الكلمة، وعادة ما يقع الحذف في الصوت الأخير من
الكلمة، مما يتسبب في عدم فهمها، إلا إذا استخدمت في جملة مفيدة، أو في محتوى لغوى
معروف لدى السامع، وقد لا يقتصر الحذف على صوت، إنما قد يمتد لحذف مقطع من الكلمة
فيقول الطفل "مام" بدلاً من "حمام"، ويقول "مك" بدلاً من "سمكة" .وقد يتم الحذف عند توالى صوتين ساكنين في أي موقع من الكلمة دون
أن تكون هناك قاعدة حذف ثابتة ومحددة، أي أن الطفل قد يحذف الصوت الساكن الأول،
فيقول "مَرّسة"، أو "مدسة" بدلاً من "مدرسة".
وتسبب عملية الحذف صعوبة في فهم كلام الطفل، ومعرفة الحاجة، أو الفكرة التي يريد
التعبير عنها، مما يؤثر على الطفل، ويؤدى إلى ارتباكه وشعوره بعدم القدرة على
توصيل أفكاره للآخرين .وبصورة عامة يتصف الأطفال الذين يعانون من الحذف بما يلي:
·
يتميز كلامهم بعدم النضج أو الكلام الطفلي. وتشير الدراسات إلى أن الحذف يعد من اضطرابات النطق
الحادة، سواء بالنسبة لفهم الكلام أو التشخيص، وكلما زاد الحذف في كلام الطفل صعب
فهمه .
·
غالباً ما يقل الحذف في كلام الطفل مع تقدمه في السن،
ومع ذلك فقد يظهر لدى الكبار ممن يعانون من خلل في أجهزة النطق، أو اضطرابات في
الجهاز العصبي، وكذلك الأطفال الذين يعانون من التوتر الشديد، وأولئك الذين
يتحدثون بسرعة كبيرة .
·
غالبا ما يميل الأطفال إلى حذف بعض أصوات الحروف بمعدل
أكبر من الحروف الأخرى، فضلاً عن أن الحذف يحدث غالباً في مواضع معينة من الكلمات،
فقد يحذف الأطفال أصوات /ج/، /ش/، /ف/، /ر/، إذا أتت في أول الكلمة أو في آخرها،
بينما ينطقها إذا أتت في وسط الكلمة.[iv]
2. الإبدال
ويحدث
فيه استبدال الطفل نطق صوت بصوت آخر، كأن يستبدل الطفل نطق صوت /ر/ بصوت /ل/، فيقول مثلاً: "شجلة" بدلاً من "شجرة"،
و"ملكب" بدلا من "مركب "ويقع الإبدال مع أصوات أخرى مثل إبدال صوت /ك/ بصوت /ت/،
فيقول " ترسي " بدلاً من " كرسي"، و"ستينة " بدلاً من "سكينة" .
وغالباً
ما يحدث الإبدال نتيجة تحرك نقطة المخرج إلى الأمام، ويسمى "إبدال أمامي"،
فينطق الطفل صوت /د/ بدلاً من صوت /ج/ فيقول مثلاُ "دمل" بدلاً من
"جمل"، فهذا يعنى أن لسان الطفل قد تحرك إلى الأمام، فصوت /ج/ ينطق من
وسط اللسان، أما صوت /د /فينطق من حرفه. أو إلى الخلف. ويسمى "إبدال
خلفي"، فينطق صوت /ء/ بدلاً من صوت /ق/، فيقول الطفل "ئمر" بدلاً
من"قمر" فهذا يعنى أن مخرج الصوت تحرك من أقصى اللسان
إلى أقصى الحلق. ولا يتسم الإبدال بالثبات،
حيث يبدل الطفل صوتاً بصوت معين في كل مواضع الكلمة، بل إننا قد نجد الطفل مثلاً
عند نطق صوت /س/ في أول الكلمة قد يستبدله إلى صوت /ث/، فيقول "ثيارة"
بدلاً من "سيارة"، وعند نطق صوت /س/ في وسط الكلمة يستبدله بصوت /ش/ فيقول "شمشية" بدلاً من
"شمسية"، بينما إذا أراد نطق صوت /س/ في أخر الكلمة فقد يستبدله بصوت
/ت/ فيقول" موت" بدلاً من "موس" وهكذا .ويعد اضطراب الإبدال من أكثر اضطرابات النطق شيوعاً بين الأطفال، وخاصة حتى
سن السادسة، وأحياناً السابعة من العمر.[v]
3. التحريف أو التشويه
وفيه
ينطق الطفل الصوت بشكل يقربه من الصوت الأصلي، غير أنه لا يشبهه تماماً، أي ينطق
الطفل جميع الأصوات التي ينطقها الأشخاص العاديون، ولكن بصورة غير سليمة المخارج
عند مقارنتها باللفظ السليم، حيث يبعد الصوت عن مكان النطق الصحيح، ويستخدم طريقة
غير سليمة في عملية إخراج التيار الهوائي لإنتاج ذلك الصوت .ويحدث
التحريف نتيجة لعدة أسباب منها ما يلي:
§
تأخر الكلام عند الطفل حتى سن الرابعة .
§
وجود كمية من اللعاب الزائد عن الكمية الطبيعية .
§
ازدواجية اللغة لدى الصغار أو بسبب طغيان لهجة على أخرى.
§
تشوه الأسنان سواء بتساقط الأسنان الأمامية أو على جانبي
الفك السفلى .
§
قد ينتج عن مشكلة كلامية كالسرعة مثلا
ولتوضيح
هذا الاضطراب يمكن وضع اللسان خلف الأسنان الأمامية إلى أعلى دون أن يلمسها، ثم
محاولة نطق بعض الكلمات التي تتضمن أصوات /س/، /ز/، مثل: ساهر، زاهر، زايد، سهران، سامى.[vi]
4. الإضافة
وهنا يضيف الطفل
صوتاً زائداً إلى الكلمة، مما يجعل كلامه غير واضح وغير مفهوم، ومثل هذه الحالات إذا استمرت مع الطفل أدت إلى صعوبة في
النطق، مثال ذلك: سسمكة، ممروحة وغيرها، أو تكرار مقطع من كلمة أو أكثر: واوا، دادا.[vii]
[i] - هي المنطقة في الدماغ المسؤولة عن الكلام، وقد سميت باسم
مكتشفها.
[ii]- بول بروكا: ولد يوم 28 يونيو 1880، وتوفي يوم9 يوليو 1824، هو
طبيب جراح فرنسي، كان مرتبطا بشكل وثيق مع تطور الأنثروبولوجيا الفيزيائية الحديثة
في فرنسا، درس آفات الدماغ، ساهم إلى حد كبير في فهم أصول حبسة وفقدان أو ضعف
القدرة على تشكيل أو صياغة الكلمات.
[iii]
- عبد الوهاب محمد كامل، علم النفس الفسيولوجي،مكتبة الإسكندرية، مصر. الطبعة الثانية 1994، ص:
120 – 123.
[iv] - إيهاب البيلاوي، "اضطرابات النطق"، موقع أطفال الخليج، نشر بتاريخ 16 ماي 2014، وتم
استرجاعه يوم 20 أبريل 2014. على الرابط: http://www.gulfkids.com/ar/index.php?action=show_res&r_id=6&topic_id=2020
[v] - نفس المرجع السابق.
[vi] - نفس المرجع السابق.
[vii]
- نفس
المرجع السابق.